اضطررت أن أذهب إلى إحدى دور طب العيون لأستكشف مدي أحقية نظري بتغير النظارة الطبية بعدما مر عليها أكثر سنتان وأصبحت أدقق كثيرا عندما أقرأ.
أنهيت الإجراءات المتبعة وجلست أنتظر لحين أن يحل علي الدور.. كما قالت لي موظفة الاستقبال.
درجة البرودة من هذا التكييف المركزى اللعين جعلتنى أتكوم على المقعد وكأنني صرت من المجمدات.
صوت من الفضاء الخارجي يلفح أذنى بعذوبة بالغة ينادي علي...
بادرت بالرد:
- أيوه ..أيوه موجود.
لفحة هواء دافئة أزالت الثلج عن جسدي يسبقها عطر لم أشتمه من قبل فتوغل بداخلي فشعرت بأنني مخدر .. قطعة من الشيكولا تتقدم ناحيتي برقة ودلال الريم.. كل عيون المتواجدين متوجهة إليها .
إحدى السيدات وهى تنظر لزوجها...
- عاديه جدا .. شوية مكياج على شوية ريحة ... رجاله عيونها زايغه ... صح؟.
زوجها وهو يتحسر ...
- أيوه صح الصح .. بلا قرف بلا نيله آل حلوه آل.
توقفت أمامي وبصوت بالكاد تسمعه:
- ممكن ترجع لورا برأسك شويه .
- حاضر .
- ما تخافش ها احط لك قطرة علشان توسع حدقة العين.
- حطى وبراحتك.
ملت برأسي مستسلما لها وعندما اقتربت منى شعرت برجفة هزت أوصالي .. أنها منظومة أنثوية عالية الوصف .. قالت:
- من فضلك أفتح عينك كويس وقرب عليا شوية؟
- حاضر ها اقرب أهوه.
- تقرب دماغك مش جسمك.
- حاضر.
- وبعدين بقي معاك .. أفتح عينيك كويس وما تبربش.
- حاضر .
قلت لها بعد أن أنتهت من وضع القطرة:
- يا بوووى قطرتك حراقة أوى يا آنسه.
همست لي وكأنها توشوشنى...
- أحسن .. ده أنت شقي أوى .
مرت ساعة وإذا بصوت كالرعد يناديني فأفقت من غفوتي ...
- أيوه أنا هنا .
جاءت تتدحرج .. كتلة بشرية تهز أرجاء المكان أفتربت منى ...
- أفتحلي عينك يالا .
أخرجت من جيب البالطو مصباح صغير وصوبته بعينى ..
- خير فى حاجة؟
- خير .. ها تحط قطرة تانية.
- يا ريت ولو أنها حراقة أوى .
- حد بينبسط من القطرة.
- أنا بأعشقها.
- طب فتحلي عينيك وقرب عليا.
- هو أنتى اللى ها تحطيلي القطرة ولا الآنسة اللي قبلك.
- أنا .. فى حاجة؟.
- لا أصل افتكرت هي مش أنت.
- وتفرق معاك فى حاجة.
- لا أبدا أصل عيني أتعودت على قطرتها.
- القطرة واحده يا أستاذ وقرب عليا من فضلك براسك.
- أعمل إيه ما هى راسي مش عاوزه تقرب ليكي.
مالت علي فشعرت باختناق شديد وبدأت أتنفس بصعوبة وقالت:
- أفتح عينك من فضلك.
- ما هي مفتوحه بس أنت مش واخده بالك.
- بأقولك أفتح ولا أجيب لك حد تانى يحطلك القطرة.
قلت فى نفسى أقول آه يمكن تنادى على اللي في بالي فقلت لها:
- طالما مش عارفه تحطيلي القطرة يبقى هاتي حد تاني من فضلك.
- ماشي .. براحتك
نادت بصوتها الذي زلزل المكان وكأنه قنبلة محلية الصنع دوت...
- يا عتراوى يا عتراوي .
وجاء عتراوي فاستسلمت كالحمل الوديع.
يخرب بيتك يا عتراوى .. ويخرب بيت قطرتك الحراقة.
صحيح قليل البخت يلاقى عتراوي قدامه.