عندما سرح قيس فى سحر عيون ليلى وهو يحمل وعاء الحطب المشتعل وأمسكت النار بكم قميصه وفطن المعلم أبو ليلى بالحدوته فزمجر ولبس القناع الخشبى وصاح قائلا لقيس " جئت تطلب نارا أم ترى جئت تشعل البيت نارا" ثم لحقه " أمض أمض قيس أمض " ومضى قيس على صك الهجران .
وعندما صرخ نيرون قائلا " أنا ها أحرق روما " كان يترنح من الخمرالتى لحست دماغه فقد رأى أنه يجب إعادة رونقة محبوبته روما حيث راوده خياله أن يحرقها بأكملها وأن يعيد بنائها، وبدأت النيران من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير حيث شبت فيها النيران وانتشرت بشدة لمدة أسبوع في أنحاء روما، وألتهمت النيران عشرة أحياء من جملة أنحاء المدينة الأربعة عشر، وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق وفى وسط صراخ الضحايا كان نيرون جالساً في برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق الذي خلب لبه وبيده آلة الطرب يغنى أشعار هوميروس التي يصف فيها حريق طروادة وهلك في هذا الحريق آلالاف من سكان روما.
وعلى نفس النهج كان عنيزة الحميرى ملك مملكة جحشوم فقد كان يرى أنه يجب أن يجدد كل سنة مملكته فيقوم بحرقها كاملة وعندما كان يعاتبه وزيره عن أفعاله هذه كان يصرخ فيه قائلا : " مملكتى وأنا حر فيها أحرقها وأبنيها " .
ومن هنا كانت الحكاية وأبتدى العشق الحراق ورأينا من تحرق نفسها أوتنتحر أو من يلق بنفسه غرقا أو شنقا أو من يقوم بقتل عشيقته وأهلها أو من سلبها منه .
ولكن هناك العشق الماجن الذى لا يهدأ ولا يهادن وهو عشق دمار الحبيب .
فقد عصف االعاشق الماجن بمحبوبته من جراء نار الغيرة فها هو
فى العراق بعدما رأى خديها من شدة بريقها عاندت القمر.
وفى سوريا بعدما رأى قدها المياس يزيد مياسا ودلالا.
وفى ليبيا بعدما لمح شعرها الغجرى المجدول يهفهف فوق الُربا.
وفى تونس بعدما ضربت بقلبها الأخضرانى العقول.
وفى اليمن بعدما غازلت بعيونها المها نجوم السماء.
وفى مصر بعدما سحرت بسمارها القمحاوى الالباب.
وهاهى لبنان يعصف بها الماجن بعدما رأى شجرات الأرز تتمايل برقة ودلال.
فلا غريب علينا عندما نرى من يجاهر بعشق الوطن وهو يغنى " وطنى حبيبى الوطن الأكبر نفسى أشوفه وهو بيصغر " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق